غرفة الأخبار

التركيز على الثقافة المؤسسية لتمكين الموظفين ودفع النمو

February 07, 2024
card-img

بقلم رزان عقروق، نائب الرئيس لشؤون العلامة التجارية والثقافة والاستدامة في شركة “جي إم جي

يعتبر بناء العلامة التجارية القوية وضمان ولاء العملاء أمراً بالغ الأهمية لنجاح أي شركة، لكن من المهم أيضاً أن تستثمر الشركات في موظفيها لتعزيز ولائهم والاحتفاظ بهم. وبشكل عام، يعتبر موظفو الشركة العصب الأساسي لعملياتها التشغيلية، كما أن ارتباطهم برؤيتها ورسالتها ينعكس على نموها ونجاحها إلى حدٍ كبير.


وفي حين أن معظم المؤسسات تدرك قيمة الاستثمار في موظفيها، إلا أنها غالباً ما تفتقر إلى استراتيجية متسقة لتوجيههم نحو الهدف العام للشركة. ومن هنا تنبع أهمية الثقافة المؤسسية.


وتحدد الثقافة المؤسسية مجموعة من المثل والمبادئ والمواقف والسلوكيات المشتركة التي تميز الشركة وتوجه موظفيها في كل من جوانب عملهم. وأفضل تعريف للثقافة المؤسسية في حالتنا هو: إحياء قيمنا عبر مجموعة من السلوكيات المدفوعة بتوجه محتوم النجاح لخلق شعور الفخر بالشراكة معنا.


ومن جهتي، أعتقد أن “جي إم جي” تمثل خير نموذج محلي لكيفية استفادة المؤسسة من الثقافة المؤسسية الفعالة من أجل دفع عجلة الابتكار والإبداع والنمو. ورغم بداياتها المتواضعة كمشروع صغير يقدم اللحوم قبل أكثر من 45 عاماً، فقد تطورت “جي إم جي” لتصبح مجموعة عالمية توجه بمهارة مسيرة تعاقبها السلس فيما تدير عدداً من أهم العلامات التجارية العالمية في أسواقنا المستهدفة. كما طورت المجموعة ثقافة فريدة تركز على تجربة الموظف وتتجذر عميقاً في تراثنا الإماراتي/العربي.


وقطعت “جي إم جي” شوطاً طويلاً في خطتها التوسعية العالمية الضخمة. فقد استحوذت مؤخراً على شركة “أسواق ذ.م.م”، لتضيف 11 مركز تسوق مجتمعياً و22 متجر سوبر ماركت إلى شبكة منافذ التجزئة سريعة التوسع التابعة لها. وفي أبريل 2022، استحوذت المجموعة على عمليات السلسلة الفرنسية “جيان” Géant في الإمارات العربية المتحدة، مضيفة بذلك 18 متجر هايبرماركت وسوبرماركت إلى شبكتها للبيع بالتجزئة. وتتطلع “جي إم جي” أيضاً إلى زيادة كوادرها المصرية بمقدار عشر أضعاف خلال السنوات الأربع المقبلة، مما يضيف أكثر من 1000 موظف إلى كوادرها. وتخطط الشركة كذلك إلى فتح 100 متجر جديد بحلول عام 2025 لدعم خطط توسعها الطموحة في جنوب شرق آسيا. وتعتبر جميع عمليات الاستحواذ وخطط التوسع هذه بمثابة إنجازات بارزة، حيث كان علينا تطوير رؤية مشتركة تربط كامل المؤسسة، بما في ذلك الموظفين الجدد، لضمان النجاح والحفاظ على مسار نمونا. وقد أدركنا أن التواصل أمر حيوي لدمج الثقافات المختلفة بسلاسة في المؤسسات المتنوعة. فذلك يمكن أن يساعد الموظفين الجدد على فهم توجه الشركة والشعور بأنهم جزء من مهمة مشتركة. كما يساعد تشجيع العمل الجماعي والتعاون بين الموظفين الجدد والحاليين على بناء علاقات أقوى وكسر الحواجز.


إن الاستثمار في كوادر الشركة هو أكثر من مجرد مؤشر جيد، إذ ينبغي غرس هذه الثقافة في هوية المؤسسة بهدف تمكين الموظفين في نهاية المطاف من تحقيق التطور يومياً. وهذا من شأنه أن يلهم ولاء الموظفين والاحتفاظ بهم، مما ينعكس بشكل مباشر وإيجابي على صافي أرباح الشركة.


علاوة على ذلك، ينبغي للثقافة المؤسسية القوية أن تحدد أيضاً علاقة الشركة بالمجتمع الذي تخدمه. وهو ما يعني في عالم اليوم بناء أعمال مستدامة من شأنها حماية وتعزيز صحة وعافية المجتمعات والعملاء والكوكب معاً. ويجب أن تتوافق هذه الأهداف أيضاً مع مستهدفات أشمل، مثل أهداف التنمية المستدامة، للمساعدة في حماية البيئة وتعزيز القيم الإنسانية والاستثمار في ممارسات التوظيف الجيدة.


وفي حين أن الثقافة المؤسسية الناجحة ينبغي أن ترتكز على أسس راسخة، فإنها يجب أن تكون ديناميكية بما يكفي لاستيعاب التغيير، وخاصة التكيف مع القوة التحويلية للتكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، أثرت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على الثقافة المؤسسية، مما جعل الموظفين أكثر وعياً وفهماً لأهمية تحقيق التوازن بين الجانبين العملي والشخصي. وتستثمر الشركات بشكل أكبر في عافية موظفيها، انطلاقاً من إدراكها أن الموظفين السعداء والأصحاء هم أكثر إنتاجية وتفاعلاً. ويوضح أصحاب العمل الذين يهتمون بهذا الجانب أن موظفيهم أقل عرضة للإرهاق بنسبة 71% وأكثر انخراطاً في العمل بمقدار 3 مرات (جالوب، 2022).


وفي نهاية المطاف، ينبغي معرفة أن الثقافة المؤسسية ليست غاية نحققها، وإنما مهمة جارية ومستمرة.